الثلاثاء، 31 مايو 2011

استراتيجيات الحرب على سرطان الدم

هم العدوّ فاحذرهم
نخوض يوميّاً أثناء دوامنا في مركز السرطان معارك واسعة مع أورام الدمّ والتي تعتبر أشيع أنواع السرطانات عند الأطفال. لا تخرج عن عادة الخباثة المعتمدة من باقي الأورام، لكنّها أرحم بالأطفال من أغلبهم. يضع الفريق الطبي المتكامل خطّة واضحة للتصدّي لجبهات الخلايا السرطانية، والحيلولة دون اختراقها حاجز الحياة وإصابة الطفل في مقتل.

يحمل الراية عادة خبير المرض، وهو الذي يضع بالتشاور مع باقي الأطبّاء وفريق الممرضات خطّة العلاج المتكاملة التي تستمر 3 سنوات عند الأطفال الذكور، وسنتان ونصف عند الإناث حسب البروتوكول المعتمد هنا في المركز. تستند المعالجة على الأدوية الكيميائية. تكون الرعاية مكثّفة للغاية في الأيام الأولى للعلاج والتي ستشهد حروباً طاحنة بين الدواء والدم.

بداية، يعمل العلاج على قصف الثكنات العسكرية الأساسية في الدم من الكريات الحمراء والبيضاء وصفيحات الدم، فيقتل منها الصالح والطالح، لينكشف الجسم أمام أعدائه من الجراثيم والفيروسات وما شابه، وهنا كان لابدّ من تأمين أقصى وسائل الحماية للجسم السليم. تُحضّر أزكى الأطعمة وأطهرها للطفل، يمنع مرضى الإنتانات من الاحتكاك المباشر معه، وتُراقب حرارته باستمرار. يعتبر حطام معارك الأيّام الأولى من بقايا الكريّات المكسّرة خَطِراً جداً على الطفل، فقد يهدّد حياته تراكم هذه المواد الميّتة غير الخبيثة الطبيعة، لذلك توضع خدمات النظافة في حالة تأهّب قصوى، ويُشطف الدمّ من الشوائب عبر السوائل النقيّة الطازجة. تستمرّ المرحلة المكثفة حوالي الشهر ما ينتج عنها غالباً تحطيم أكثر من 90% من القدرات الدفاعية للخصم. تجري وحدات الاستطلاع من الجيوش الغازية عملية مسح للتعرف على نتائج نصرها في هذه المرحلة، وتوضع خطة المرحلة الثانية بناءً على نتائج الأولى.

تكون المرحلة الثانية أقلّ كثاقة، حيث تحمل خطراً أقلّ على الطفل من مرحلة الحرب الشاملة. تشنّ الجرعات الكيمياوية هجوماً متقطّعاً أسبوعياً على مناطق محدودة من دفاعات السرطان المحدود المتبقّي. تشنّ حرب استنزاف، وتستنهك قدراته الدفاعية حتى. 

في المرحلة المزمنة، والتي نطلق عليها مرحلة الحرب البادرة، تستمر القوات الهجومية بحملاتها المحدودة ذات الجرعات المخففة، يعود الطفل إلى حياته شبه الطبيعية، تقل زياراته التي تتطلب دخولاً للمستشفى عادة. تعود الحملات الاستطلاعية والتي تظهر عادة عزم السرطان على الاستسلام أمام إصرار الهجوم.

إن نسبة الشفاء المنجزة في مراكز العناية المتخصصة بسرطان الدم تتجاوز 85% في هذه الأيّام، يعدّ ذلك فخراً في الإبداع الإنساني لخدمة البشرية. تتعايش كثير من العائلات كمجتمع واحد طوال 3 سنوات مع المرض، تشكي همومها لبعضها وتتشارك أحزانها وآلامها. فليجلب الله الرحمة والصحّة للمرضى الأطفال،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق